التفكير الزائد :كيف تتخلص من ال”Over thinking” ؟

يبدو أنك تعاني من التفكير الزائد ,أصبحت محاطًا بالأفكار المرهقة ،و المقيدة لسعادتك , تعيش مهدرًا لوقتك تحت أسر المشاعر السلبية .

من المعروف أن القلق و التوتر هما جزءان أساسيان من مشاعرنا كبشر ، ولكن الخطر يكمن حينما لا نستطيع التوقف عن التحليل، و التدقيق في كل ،و أي شيئ , طوال اليوم ،و كل يوم .

و لكي لا نقع أسرى لهذا التفكير المفرط ، فيجب علينا التعرف عليه أولًا و على أسبابه , و على طرق التخلص منه لنعيش حياة أفضل بذهن أكثر صفاء .

و هذا ما سأقوم به في هذا المقال .

ما هو التفكير الزائد ” Over thinking “؟

“To think too much is a disease.”

Fyodor Dostoyevsky

التفكير الزائد هو عبارة عن فيضان من الأفكار ،و القرارات المتضاربة التي تفقدك شعورك بالأمان و الراحة .

و بجانب ذلك تجرد منك شعورك بالاستمتاع في حياتك , بل و أيضًا تضيع عليك الكثير من الفرص بسبب أسر هذا التفكير لرأسك .

يصنف التفكير الزائد واحدًا من الاضطرابات العقلية التي تجبر الشخص على المبالغة في تفكير ،و تحليل كل شيئ .

و هذا يؤدي إلى توليد الشعور بقلة التركيز ،و أحيانا الجنون من كثرة الأفكار التي تراود هذا الشخص .

و نتيجة على ذلك يُخلق كثير من الأفكار السلبية، و التداخلية ،و التي تؤدي في النهاية إلى أشكال غير صحية من التفكير مثل : التوتر ، القلق ، الهوس , الخ …

أنواع التفكير الزائد و أسبابه :

الوعي هو بداية التغيير

في البداية يجب التنويه أن جميعنا قد مر بفترة من الفترات التي انشغلنا فيها بأمر ما بشكل كبير سواء أن كانت مقابلة عمر مصيرية أو إختبار مهم أو الخ … .

في هذه الأوقات الصعبة يكون العقل مشغول بهذه الأحداث لوقت طويل ، و هذا لايعني أنك مصاب بمرض التفكير المفرط .

بل إن هذا النوع من الفكير تجاه شيئ معين يعتبر من أشكال التفكير الهادف، و الصحي , و هو التفكير في الحاضر ،و التخطيط من أجله .

و لكن حديثنا عن الأشخاص الذين يفكرون بشكل سلبى للغاية حيال الماضي و المستقبل و ينسون حاضرهم .

الإفراط في التفكير لا يكمن فقط في الكلمات ،بل إضافة على ذلك تجدهم غارقين داخل الأحداث السيئة التي يخلقوها في أدمغتهم مرارًا .

و لكن هذه الأفكار المفرطة تنقسم إلى نمطين و هما :

  1. التَّحسر : التفكير الدائم في الماضي و أحداثه مثلا : “لم يكن علىَّ قول ذلك ” , “يا ليتني لم أذهب الي النادي أمس ” و الخ … .
  2. القلق الدائم : التفكير المستمر بشكل المستقبل و اختلاق أحداث كارثية يتوقع حدوثها مثلا ، ” أعلم أنني لن اؤدي جيدا في الإختبار ” ، سيترقى كل أصدقاء و أنا لا ” و الخ … .

و لكن ما الذي أدى إلى هؤلاء الأشخاص الوصول لهذه الحالة من القلق ؟

الأسباب قد تكون كالآتي :

1- المشاكل أو الطرق التي عُمل بها أثناء طفولته

2- اتخاذ قرار صعب في الحياة

3- الرغبة في التعامل مع عدم الشعور بالأمان

4- نتيجة لمشكلة عاطفية معقدة

5- مشاكل في الثقة بالنفس تقدير الذات

التفكير في هذه الأمور شيء طبيعي , و لكن يكون الأمر مبالغًا فيه حين لا تستطيع إخراج الأمر من الرأسك .

و غالبًا تكمن المشكلة في انشغال الأشخاص بأشياء ليس لهم أي تحكم فيها مثل : “هل المدير سيعجب بالمشروع ” , ” هل سيقدر الآخرون تعبي ”

أعراض التفكير الزائد “Overthinking”

  • القلق الدائم حتى في المواقف البسيطة
  • القلق في حين وجود أمور خارجة عن سيطرتك
  • السؤال المتكرر “ماذا لو …”
  • تسأل نفسك كثيرا عن سبب أنشغالك بأمر ما لهذا الحد
  • وجود أفكار لانهائية في رأسك و قلة النوم
  • استرجاع المواقف السيئة ،و المحرجة في حياتك
  • قضاء معظم وقت فراغك في التفكير في المعنى وراء كلام “الأشخاص ”
  • جلد الذات الدائم باستخدام الأخطاء التي قمت بها سابقا
  • دائم الإهتمام فيما بفكر الناس حياله
  • الخوف من الفشل
  • التركيز على النواقص، و السلبيات

الثقة بالنفس | الأسباب المؤدية إلى إنعدام الثقة بالنفس من هنا

أضرار التفكير الزائد :

“Nothing can harm you as much as your own thoughts unguarded.”

Buddha

كثير منا يظن ان التفكير المفرط يؤثر سلبا فقط على الصحة النفسية ،و المخ ،

بل في حقيقة الأمر أنه يوثر أيضا على صحتك الجسدية و بجانب ذلك أضرارًا في جميع نواحي حياتك سواء اجتماعيًا , عاطفيًا أو الخ …. .

تفكير أكثر = حياة أقصر :

أجريت بواسطة جامعة هارفارد تجربة على الأشخاص الذين تتراوح أعمرهم من 60 إلى الأشخاص المعمرين فوق المئة عام .

و النتيجة أ أنه تم اكتشاف أن الذين توفوا في أعمار صغيرة يملكون نسب قليلة من البروتين الذي يهدأ المخ ، و هذا بسبب أن الإفراط في التفكير يصعب من أفراز هذا البروتين .

الأرق و ساعات نوم قليلة :

في بعض الأحيان يصعب على الإنسان السيطرة على أفكارة خاصة في الليل ، مما يؤدي الى تحول هذا الوقت الذي يجدر بنا أن نشعر فيه بالراحة ، إلى البقاء أكثر تيقظًا .

فتصبح مقيدًا بحبال أفكارك في كل ليلة كأنه سجن ينصب لك خصيصًا في ذلك الوقت ، و نتيجة لكل هذا تجد نفسك في أرهاق نفسي، و جسدي مستمر .

الإصابة بالأمراض العقلية :

زيادة التفكير قد تؤدي الى الإصابة ببعض الأمراض كالاكتئاب , القلق المزمن , اضطرابات بعد الصدمة و كثير من  الأمراض العقلية .

و يكون بسبب تركيز الشخص الدائم على المشاكل ،و الأخطاء الموجودة في نفسه .

و التي في الحقيقة تؤدي بدورها الى زيادة أكثر في التفكير، و تدخل في حلقة مفرغة لا نهاية لها .

التفكير الزائد = نقص في الابداع و الإبتكار :

يعتقد بعض الناس أن الزيادة في التفكير شيئ جيد؛ لايجاد الحلول و غير ذلك و لكن العكس صحيح ، ففي الحقيقة ال overthinking يقلل من التفكير الابداعي و ابتكار أفكار جديدة .

الإفراط في الفكير يؤدي لمشاكل اجتماعية :

تفكيرك الزائد في كيف يفكر الأشخاص بشأنك ” هل سيحبونني ” ، ” لا أحد سيطيق جلوسي هنا ” , ” يا ترى كيف يشعرون تجاهي ؟”.

و نتيجة لهذه الطريقة في التفكير يجد أنه بمرور الوقت ينعزل عن الآخرين، و يفقد الكثير من الفرص لإنشاء صداقات جيدة بسبب تفكيره المفرط .

مشاكل في الشهية :

التفكير الزائد يؤدي إلى مشاكل في الشهية، و الابتعاد عن الأكلات الصحية و اللجوء للfast food

ما هو الذكاء العاطفي و كيفية تطويره من هنا

كيف أتخلص من التفكير الزائد ؟

“stop overthinking , you can not control every thing “

ال overthinking يعتبر عادة سيئة يجب أن تكسرها ،و تحاول الاقلاع عنها و فيما يلى بعض الطرق العلمية للتخلص من هذا الأمر :

1- تحكم في كلماتك مع نفسك

يقولك ستيف جوبز ” كلنا نقول لأنفسنا القصص و لكن السؤال هو :هل قصتك تقويك و تمنحك الحلول أو تنمعك و تقيدك ” و يعتبر هذا السؤال في غاية الأهمية .

كلماتنا مع أنفسنا تؤثر على شخصايتنا و انعكاس صورتنا أمام العالم بل و أيضا تؤثر في جميع مجالات حياتنا .

لذلك علينا أن نتوقف عن سرد القصص التي تعيقنا من التقدم من نوعية ” أنا شخص قلق دائمًا ” ،” لدي إفراط غير طبيعي في التفكير “

يجب أن تحاول استبدال هذة العبارات السلبية بأخرى ايجابية حاول تغيير قصتك و رؤيتها من منظور آخر و قٌل ” أنا مسؤول عن مشاعري و تفكيري ” و بهذه الطرقة سيتجه عقلك الى الطريق الصحيح .

2- لا تفكر في الماضي :

اعلم أن الأمر قد يبدوا صعبًا في البداية و لكن هذا من أهم مراحل التخلص من التفكير الزائد؛ لأنه غالبا ما يكون التفكير الزائد حول الماضي .

يجب أن تدرك مفهوم أن الماضي لا يمكن تغييره قد يكون هو سر توقفك عن تفكيرك الزائد .

و بجانب ذلك يجب أن تدرك أن الشيئ الوحيد الذي يمكنك تغييره حيال الماضي هو نظرتك اليه و العِبَر التي استخلصتها منه و بناء عليه تُبنى طريقة تعاملك في المستقبل .

لا تتجاهل ألمك، و حزنك ،أو تدفن غضبك تجاه ما حدث، و لكن حاول أن تتصالح مع الماضي يا عزيزي ،و تقبل أنه جزء من حياتك .

قرر أن تتصالح مع ذاتك ،و تحرر إلى ما تبقى لك من حياة، و سعادة ،و صدقني إن عملية التحرر هذه ستساهم بشدة في تغيير حديثك، و القصص التى ترويها لنفسك كل يوم .

 

3- سيطر على مشاعرك :

 من المعروف أن الوصول للمشكلة هو بداية الحل ،و بسبب ذلك يجب عليك أن تتعرف عليها ،و تبحث في جذورها .

ابحث في الاسباب التي أدت بك الى هذا الحال ، فكر لماذا أنت شخص شديد في حساسيتك , مشاعرك أو غضبك.

ارجع بالزمن للمواقف التي كانت سببًا في هذا، و تصالح معها و عالج آثرها .

في هذه الحالة تتكون لك القدرة على مواجهة الأسباب الظاهرية ،و التفكير بشكل سليم ،و ايجابي .

الاضطراب الوجداني : شرح مبسط وشامل .

4- ركز على الحلول :

ابحث عن حل للمشكلة، و لا تضع مشكلة أمام الحل , ف دعني أخبرك أنه لم ينتهي دورك بعد معرفتك للأسباب وراك توترك ؛لأن دورك الآن هو تولي المسؤولية لحل هذا المشاكل .

فكر مع نفسك هل هذا التفكير الزائد بسبب عملك مثلًا ، فيمكنك إعادة النظر الى مسار عملك أو تغييره .

و إن كنت غير راضي عن وضعك في الحياة ، فكر في أهداف جديدة، و اتبعها و مثل ما تري تعامل مع العملية بهذ الطريقة

والمهم أن لا تترك نفسك أسيرًا للظروف ،و المبررات و أن تبقى في انتظار تغيير العالم؛ لكي تتغير معه .

إضافتًا على ذلك ركز على ما يمكنك التحكم فيها مثل :غضبك , سلوكك , الخجل و الذي منه .

5- في حالة التفكير المفرط غيِّر الفكرة فورًا !

إن كنت في انتظار أن تخرج الفكرة من عقلك و تمل بمفردها دون فعل أي نشاط مختلف ف أنت حتمًا مخطئ .

اجر بعض الخطوات الفعَّالة ،و اخرج الفكرة من دماغك عن طريق تغيير نشاطك ، فيمكنك القيام ب :

  • التمارين الرياضية
  • محادثة صديق
  • الخروج الى مكان تحبه
  • التنزه في الهواء
  • تعلم شيئا جديدًا

كل ما عليك يا عزيزي ،هو تحديد وقت وقوعك في هذا الأسر .

ركز ما الأعراض التي تظهر عليك مثلا :(صداع ، سرعة في ضربات القلب ، الم في الذارع ،أو الخ ) و ركز كيف يتطور الأمر لديك .

في المرة القادمة عندما تشعر أنك محاطًا بوابل من الأفكار التي لا تنتهي ، ستكون مستعدًا بخطتك البديلة، و تنفذها فورًا .

ربما يكون الأمر صعبًا في البداية ،و لكن حاول  مرارًا وتكرارًا في الأمر حتى يصبح عادة لديك .

الذكاء العاطفي وأهميته في التعامل مع الآخرين.

6- لا تسع للكمال :

الطموح لتكون شخص أفضل هو شيئ رائع للغاية ,و لكن سعيك للكمال هو مضيعة للوقت؛ لانه يعتبر سعي لأمر غير واقعي، وغير عملى ،كما أنه أيضًا مرهق للغاية .

كلنا بشر نصيب، و نخطئ، و تستمر الحياة , عليك تقبل هذا الفشل و اعتبر أنها تجربة مفيدة، و خطوة جديدة .

و اعلم أن تضييع وقتك لإتنظار المثالية ما هو إلا إهدار لفرص أفضل من أجل هدفك الأكبر .

تقبل نفسك ،و من حولك بهفواتهم، و نواقصهم ،و ابتعد عن توقعاتك الزائدة ،و البحث في كل قرار، أو سلوك عن المثالية .

7- الرضا هو المفتاح السحري:

قلة الرضا أو الشكوى طوال الوقت تجعلك أنسانا محملًا باثقال الغضب ، الإستياء، و النقص طوال الوقت .

لا تضع نفسك في مقارانات مع أحد و كن ممتنًا بما لديك و حاول أن تفكر بشكل ايجابي و أقلب الآية بتركيزك على النصف المليئ من الكوب .

اكتب لافتة كل يوم بما أنت ممتن إليها و خاصة الأشياء التي اعتدت عليها مثل :الصحة ، الأسرة و المال .

8- ركز على تنفسك :

هذه الطريق فعالة للغاية , عندما تشعر أنك أصبحت تحت ضغط الأفكار المفرطة قم بإغماض عينيك , و خذ نفسًا عميقًااااااا.

ركز مع نفسك فقط في الشهيق، و الزفير و إليك تمرين بسيط يمكنك القيام به :

  • اجلس في مكان هادئ و احرص على ترك رقبتك و كتفيك في وضع استرخاء
  • ضع يد واحدة على القلب و الأخري على المعدة
  • خذ نفسا عميقا من الأنف و قم بإخراجه ببطء من الفهم , و انتبه مع حركة الصدر و البطن أثناء التنفس .

افضل 8 طرق للسيطرة على العصبية

9- عبِّر بالكتابة :

في المرة القادمة حينما تجد نفسك في سجن من الأفكار ,قم بإحضار ورقة و قلم و اكتب كل ما بداخلك ،و لكن حاول تدوين الإيجابيات أكثر .

ستشعر بعدها براحة تامة لأن عقلك استطاع التعبير عما بداخله في شكل كلمات، و هذه تعتبر أكثر الطرق المجربة و المحببة إلى المخ .

10- مارس التأمل

يعتبر ممارسة تمارين التأمل من أفضل الطرق للتخلص من زحام الأفكار ,حيث إنه يقلل الضغوط النفسية ، القلق ، و التوتر .

11- اليقين بالله يمنع التفكير الزائد :

بالنسبة لى إن هذه هي أهم خطوة ،أن تسلم أمرك لله هو أعظم شيئ يمكنك القيام به ،و كُن على يقين كامل أن الله لن يقدر لنا إلا الخير .

فمن المهم للغاية وضع فكرة اليقين بالله صوب أعيننا حينها ستجد تاثيرا ملحوظًا .

13- حدد وقت معين للتفكير الزائد :

ضع لنفسك وقتًا محددا للتفكير فيه “20 دقيقة ” في اليوم مثلا .

حين ينتهي هذا الوقت قم على الفور و قم بالقيام بشيئ أكثر انتاجية عوضًا عن التفكير .

اختبار التفكير الزائد :اختبار القلق و الإكتئاب

إليكم بعض الاختبارات ال online التي يمكنك اجراءها , لتطمئن على نفسك :

  1. اختبار الحالة النفسية لمقياس الاكتئاب والقلق والتوتر.
  2. الإختبار الثاني للحالة النفسية :

 

و في النهاية دعني أخبرك أن أي شخص معرض للإصابة بداء التفكير المفرط .

لكن أنت الوحيد الذي يستطيع إخراج نفسك من هذه الحالة بالمثابرة و يقينك بالله ,و اعلم أن لا شيئ في العالم يستحق هذا القدر من التفكير .

كتب بواسطة : شهد مدحت

دُقق بواسطة : منة الله عصام 

أقرأ أيضا: