كيف تتلذذ بالصيام ؟

لعل أول ما خطر في ذهنك هو كيفية التلذذ بعبادة مرهقة كالصيام!
فالصيام عبادة شاقة، يترك فيها المسلم الطعام و الشراب من طلوع الشمس حتي غروبها ، و أيضا يجاهد في الابتعاد عن المحرمات

فكيف يمكننا تحويل هذه المشقة و التعب اللذان يصاحبان هذه العبادة و إبدالهم باللذة و أستمتاع؟
هذا ما سوف اجيبك عليه في السطور القادمة
.

واقعيٍا انت تصوم، ولكن لماذا تصوم؟ لعلك تصوم لان الصيام فرض و رابع ركن في أركان الاسلام
ولكن هل تعلم أولًا أن لصيام درجات و كل درجة تختلف في الاجر و الثواب، و كذلك في درجة اللذة و الشعور بهذه العبادة

الشعور باللذة في القلب.

لعلك تقول أن اللذة تكمن في تناول كل ما طاب و لذ من الطعام.
فكيف أشعر باللذة في قلبي و أنا امتنع عن الطعام!

ولكن دعني أذكر لك مثالًا اولًا:
عند قيامك بحمية غذائية، تمتنع فيها عن الاكل، تأكل فقط الطعام الصحية، وبكميات قليلة جدا، و لعلك تنظر الي الطعام الشهي بحسرة.
ولكن بمجرد أن تصل للوزن المثالية، فأن فرحتك بما وصلت اليه، واللذة التي تشعر بها في قلبك، أكبر بكثير من لذة اي طعام.

و لذة قلب الصائم تأتي من تغذية روحه.
فأذا كان الجسد يشعر باللذة عند تناول الطعام .
فأن غذاء الروح يكمن في المشاعر القلبية
.

و لعلك تتسأل عن ماهية المشاعر التي تحول مشقة الصيام الي لذة

لكن دعني أولُا أطرح عليك سؤالًا اخر.

اقرأ أيضا / تطبيقات إسلامية أفضل تطبيقات دينية 2022

لماذا نقوم بعبادة الصيام ؟

البعض سيقول لأن كل الناس تصوم، وهذا بعيد كل البعد عن القلب.
لأن الصيام هنا أصبح عادة يقوم بها الجميع.

و البعض الاخر سيقول لأن الصيام واجب، و ركن من أركان الاسلام.
لا شك أنه سبب مهم، ولكن هل هذا فقط هو السبب ؟

فإذا أردت أن تتلذذ بالصيام:
فعليك أن تكون علي يقين أنك تصوم لله عز وجل، وأن الله سبحانه و تعالي يحب ان تصوم لأجله.
و لانك تحب الله و تشتاق الي رؤية وجهِه الكريم، فأن اي تعب ومشقة تزول في ظل تنفيذ أوامر الله عز وجل

و هنا يطرق سؤال جديد.

اقرأ أيضا / صلاة الفجر و صلاة الضحي | كيف تقضي الوقت الذي بينهم ؟

هل الله سبحانه و تعالي يحب أن نتعب؟

الله سبحانه وتعالي يحب لك الخير.
فالصيام تهذيب للنفس، حيث أنك لا تترك فقط المحرمات
بل تترك أيضا بعض المباحات – مثل الطعام و الشراب – بأرادتك المنفرد ، ولا يكون عليك رقيب الا نفسك.
و مع أنك تختلي بنفسك، وتستطيع أن تفعل هذا بدون علم أحد، و مع ذلك لا تفعل.
لماذا ؟ لأنك تستحي من الله.

ولكن أخبرني، ألم يصادف مرة أنك أختليت بنفسك و فعلت ذنبًا، ولم تستشعر نفس الحياء الذي شعرت به مع الصيام.
من المؤكد أننا جميًا مررنا بذلك.
فهذه فرصة لأن يكون بينك وبين الله حياء، لأن تجعل الحياء عادة تمارسها دومًا.

غير أن إيمانك و قوة تمسكك بالدين و قدرتك علي البعد عن المحرمات، كل هذا يزداد وقت صيامك.
و بالإضافة الي ما سبق فأن الصيام علاج، فمن المؤكد أنك سمعت مؤخرا عن نظام الصيام المتقطع، فهو علاج لبعض الامراض، بالإضافة الي أنه طريقة من طرق أنقاص الوزن

و لهذا فأن كل ما سبق خيرٌا لك من تناول وجبتين في النهار، وانت لن تحرم منهم أنت فقط سوف تؤجلهم الي الليل.

حل المعادلة الصعبة.

ألم يخطر ببالك يومًا هذا التساؤل
كيف لنا أن نسعد بشهر رمضان و نتشوق لقدومه، و دائما نقول انه عجول و يمر سريعًا.
مع أننا نصوم فيه لساعات طويلة، و تزيد علينا صلاة التراويح و نطيل في القيام والذكر
و مع كل هذا نحب رمضان و نبتهج بقدومه.

فكيف يجتمع هذا الشعور بالفرح بهذا الشهر مع أن فيه أكثر العبادات أرهاقًا، ما هذا التناقض .

الإجابة بكل بساطة هي سعادة الروح، لان رمضان يقوم بشحن ارواحًا بجرعة زائدة من الايمان و الطمأنينة

و لذلك كلما قرصك الجوع تذكر أن هذا الجوع لأجل الله خالصًا لهٌ، لأنك تحب الله.

قد تعجبك هذه المقالات

مراتب التلذذ بالصيام.

لعلك سمعت أن هناك بابًا من أبواب الجنة لا يدخله الا الصائمون .
فعن سهلِ بنِ سعدٍ  عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: « إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ
»

لذلك فأن لصيام درجات أو مراتب، ومع كل مرتبة تختلف درجة الشعور بحلاوة و لذة الصيام .

و تأتي علي ثلاث درجات:

1- صيام العامة:

و هو الصيام عن المفطرات من طعام وشراب من طلوع الشمس الي غروبها.
أما المحرمات فلا يصوم عنها، فهو يغتاب و ينظر الي المحرمات ويفعل كل شئ محرم .
و هؤلاء قولًا واحدًا لا يمكن أن يستشعروا لذة الصيام، فمن قال أن الصيام هو صيامًا عن الطعام والشراب فقط.

 قال رسول الله-  ﷺ-: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه»

فمن اهم حِكم الصيام، أن تزداد لدينا التقوي.

قال تعالي {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

بالتالي من يفعل أشياء محرمة وهو صائم، ينقص من أجره بقدر ما فعل.
و لذلك فأن بعض الناس من كثرة ما فعلوا من محرمات لا يتبقي لهم أي حسنة من أجر الصيام.

و قال رسول الله -ﷺ-« رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر »

فأذا منع الله المسلم من الاشياء التي كانت مباح، فهل من المنطق أن يفعل المحرمات

و كذلك رُويَ عن أبي هريرةَ (رضي الله عنه)أنه قال ” الغيبةُ تخرِق الصيام والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن يجئَ بصوم مرقع فليفعل

اقرأ أيضا / فيديوهات دينيه | أفضل 10 سلاسل يمكن مشاهدتها في رمضان |

2- صيام أهل اليمين:

وهم يصومون عن المفطرات و عن المحرمات أيضا.
فيصوم عن الطعام و الشراب، وتصوم أيضا عيناه عن النظر للحرام، و لسانه علي الكذب و النميمه، وأذنه عن سماع الاغاني

و هؤلاء يشعرون بلذة، ولكن هذه اللذة جزئية وليست كاملة.
وهم يؤجرون علي صيامهم.

فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى-ﷺ- (من صام رمضان وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)

3- صوم السابقون

وهم الذين قال عنهم الله سبحانه وتعالي :
«
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ »

فقليلون هم من يصومون هذا الصيام في وقتنا الحالي.
وهم لا يصومون فقط عن المحرمات مثل أهل اليمين، بل أيضا يصومون عن المباحات، فيومهم كله مستحبات.

و لعلك تتسأل ما هي المباحات التي يمتنعون عنها؟

هؤلاء لا ينامون النهار بأكمله، ولا يمسكون الهاتف بالساعات ولا يضيعون وقتهم في لعب الكرة ولا غيرها مما يطلقون عليها مسليات الصيام .
بل أنهم يستغلون كل دقيقة لفعل كل أنواع العبادات، من ذكر و قراءة القرآن و حضور دروس علم أو الاستماع للسلاسل الدينيه
، والدعاء و القيام والصدقة و غيرها من العبدات المستحبة في رمضان .

فإذا كان النوع الاول يصوم عن الطعام والشراب فقط .

و النوع الثاني يصوم عن المحرمات.

فأن هذا النوع لا يتوقف ميزانهم عن عد الحسنات، لان المباحات عندهم تتحول لمستحبات.

فبرأيك أي نوع هو الذي يستشعر لذة الصيام
و من الذي سوف سينال شرف الدخول من باب الصائمين يوم القيامة
.

هذا المقال ملخص لحلقة كيف تتلذذ بالعبادة لمشاري الخراز ويمكنك مشاهدة الحلقة كاملة من هــــنا

كتابة / نور عبيد